تدويناتمواضيع سياسية

لعنة القرن| غزة في مواجهة ترامب!

هل انتهت المعركة؟ هل ستُطوى صفحة الدماء، أم أن ما يُحاك في الكواليس ليس إلا فصلاً جديدًا من المؤامرة!
الحروب تُخاض بالسلاح لكن الصفقات تُمرر بالخداع، وها نحن أمام مشهد لا يقل وحشيةً عن القصف والدمار، لكنه أكثر خبثًا وخطورةً.

ترامب لم يكن معنيًا بالإنسانية حين طالب بوقف الحرب، فهو لم يرَ في غزة سوى عقبة أمام مخططاته، ولم يسمع صرخات الأطفال تحت الأنقاض إلا كضوضاء تعيق طريقه، وحين دعا لوقف القتال لم يكن ذلك رحمة بل تجهيزًا لمسرح الجريمة الأكبر، حيث تُرسم خرائط جديدة ويُعاد تشكيل الشرق الأوسط وفق أطماع المستعمرين الجدد

 لقد أعلنوا عن صفقة القرن وكأنها قدرٌ محتوم، لكنهم تناسوا أن غزة التي لم تركع تحت النار، لن تنحني أمام حبر المعاهدات المشبوهة.

اليوم، يتوعد ترامب بغزو مباشر لغزة وكأن جيشه لم يكن هناك طوال خمسة عشر شهرًا، وكأنهم لم يخططوا ويديروا حرب الإبادة، ولم يسقطوا في وحل فشلهم العسكري والاستخباراتي
لقد أرسلوا أقوى تقنياتهم، وحشدوا عملاءهم، ودفعوا بملياراتهم، ومع ذلك عادوا بخيبة لا تُمحى من ذاكرة التاريخ

لم يواجهوا جيشًا نظاميًا، بل رجالًا يحملون في قلوبهم عقيدةً راسخةً، “يتمنون الموت كما يتمنى أعداؤهم الحياة”، فلم يكن أمامهم سوى الاعتراف بهزيمتهم، حتى لو غلّفوها بلغة التهديد والوعيد.

التصريحات العلنية التي أطلقها ترامب لا تترك مجالًا للمنافقين، بل تعريهم وتحرق ما تبقى من أقنعتهم، وتوقظ في قلوب الأحرار نار الثأر التي حاولوا إخمادها طويلًا، لم يعد في الأمر مواربة، فالمحتل لا يخجل من الإعلان عن نواياه، فلماذا يخجل بعض أبناء الأمة من تسميته باسمه!
ولماذا لا يزال هناك من يبحث عن حلول وسط، بينما العدو لم يترك لنا سوى خيارين: العزة أو العبودية؟

غزة، التي أقامت خيامها فوق الركام، لن تخرج منها إلا إلى الجنة أو إلى نصّر مبين، هي الأرض التي لا تقبل القسمة، ولا ترضى بأقدام الغزاة عليها وكل حجر فيها ينطق بالشهادة، كل زقاق يختزن في ذاكرته قصص الثبات، وكل بيت مهدّم يُعيد بناءه صمود أهله، فيها لا تراجع ولا أنصافً للحلول، إما الأرض وإما الدم، والاستسلام ليس خيارًا في قاموس رجال غزة.

لم تعد المواجهة تخصنا وحدنا، ولم تعد فلسطين مجرد مسألة أرض تُحتل، بل باتت اختبارًا للضمير الإنساني، ميزانًا يفرز الأحرار من العبيد، والشرفاء من المتخاذلين
أما من ظنوا أن التهجير هو نهاية الحكاية، فهم واهمون لأن التهجير لعنتهم القادم، فكما تآمروا بصمتهم وكما باعوا ضمائرهم بثمنٍ بخس، ستلاحقهم هذه الجرائم في قصورهم وحصونهم، وسيدركون يومًا أنهم تركوا غزة وحدها!

ليست مجرد بقعة من الأرض محاصرة، بل رمزٌ لمعركة كبرى بين الحق والباطل، بين الإرادة الحرة والمخططات الاستعمارية، بين الشعوب التي تبحث عن كرامتها، وأولئك الذين يريدون سحقها
لم يكن الاحتلال ليخشى غزة لو لم تكن تمثل خطرًا حقيقيًا على مشروعه، فكم من العواصم العربية طبّعت معه؟
وكم من الأنظمة فتحت له أبوابها؟ بينما غزة بكل شوارعها المدمرة، وأطفالها الذين وُلدوا تحت النار، قالت: “لا”، وهذه الكلمة وحدها كانت كافية لهزيمتهم

نحن الطوفان وهم السفن المهترئة في بحر العزيمة
نحن الموج الذي لا توقفه الجدران وهم الحصون الواهنة التي ستسقط أمام إرادتنا
وبإذن الله ستستوي سفينتنا على جبل النصّر، والأقصى هو غايتنا

إلى من هتفوا باسم محمد الضيف، إلى من نادوا بالأقصى وفلسطين، إلى من احتشدوا في الساحات رغم القمع والتنكيل، هذه لحظتكم وهذه فرصتكُم لإثبات أن الدم لا يُمحى بالتصريحات الجوفاء، وأن الولاء ليس مجرد شعار يُرفع في المسيرات، لا تسمحوا لهذه اللحظة أن تمرّ كأنها لم تكن، اجعلوا هذه الأيام لعناتٍ على رؤوس المتخاذلين، وصرخةً تزلزل عروش الطغاة، اجعلوها عهدًا جديدًا بأن غزة لن تكون وحدها أبدًا.

إن كانت صفقة القرن قد وُلدت، فلتُسمَّى “لعنة القرن”، وليكن الغضب هو الردّ
فإن غزة التي قالوا إنها ستُهزم، ما زالت صامدة وما زال المحتل رغم جبروته يحسب لها ألف حساب
غزة فكرة لا تموت، وكابوسٌ سيطاردهم إلى الأبد، حتى يدركوا أن الأرض التي ارتوت بالدماء لن تكون إلا لأهلها، وأن الشعوب التي تنبض بالكرامة لا تموت، حتى لو اجتمع عليها كل طغاة الأرض.

اظهر المزيد

صلاح صافي

من جذور هذا البلد، ولدت حرًا، رُبع ناقد شبه كاتب نصف سياسي، كل ما أكتبه من الواقع وأحيانًا من قلم ساخر لا يمتُ للواقع بِصلة..
زر الذهاب إلى الأعلى